" كتاب البخلاء " من أشهر كتب الجاحظ ، صوّر فيه البخلاء – بخلاء بيئته وبالأخص بخلاء البصرة بلده ، وبخلاء خراسان – تصويراً واقعياً حسياً ، وتصويراً نفسياً . وهو في تصويره إياهم يمزج الجد بالعبث والنقد للعادات والأخلاق بالفكاهة ، فأبرز لنا حركاتهم ونظراتهم القلقة أو المطمئنة ، وفضح أسرارهم ، وأرانا نفسياتهم وأحوالهم جميعاً ، وأضحكنا بتصويره طرقهم في الحرص والاقتصاد وحِيَـلهم في صرف الضيوف عن الطعام .وهو لا يكـِّرهنا بهم ولا يترك لهم أثراً سيئاً في نفوسنا ، لأنه جعل خفة روحه ونكتته على لسان بخيله .
وإذا أمعنّـا النظر في قصصه رأينا فيها تمثيليات قصيرة هزلية ، تظهر فيها عناصر المسرحية الهزلية في جمال الحوار وخفة روحه ، ومقدرة الجاحظ على التكلم بلسان كل إنسان ، وبما نجده في أشخاصه من حركة وحياة ووصف نفسي وروح فكاهة وسخرية